أزمة المياه تفاقم معاناة اليمنيين (تقرير)

قبل 2 سنة | الأخبار | تقارير
مشاركة |

يحتل اليمن مع بعض الدول العربية مرتبة الأشد فقرا في مخزون المياه، حيث يعتبر ضمن البلدان التي تواجه أزمة حادة في عصب الحياة لأسباب مختلفة ومتعددة منها تلوث الأحواض الجوفية، والحفر العشوائي للآبار الارتوازية.

وحددت الأمم المتحدة تاريخ 22 مارس/ آذار ليكون اليوم العالمي للمياه، وفي كل عام يحمل هذا اليوم جرس إنذار للدول التي تعاني أزمة مياه حادة، لتعيد ترتيب أوضاعها تجاه قضية المياه.

ويصف الخبير في مجال المياه عبده علي حسان، وضع المياه في اليمن الذي يشهد أسوء أزمة إنسانية قائلاً، "مخزون المياه الجوفية في تدهور وتناقص مستمر نتيجة الاستنزاف السريع له واعتماد طرق خاطئة في ري المزروعات (بالغمر) والحفر العشوائي للآبار بالإضافة إلى تعرض المياه الجوفية للتلوث في كثير من المناطق".

وأشار حسان في حديث للأناضول، إلى أن "نسبة هدر المياه بنظم الري التقليدي في ري المحاصيل الزراعية بلغ أكثر من 90 بالمئة من إجمالي الاستهلاك".

وأوضح أن "مصادر التلوث للمياه الجوفية متعددة وكثيرة منها مياه الصرف الصحي ومكبات القمامة والتي تحتوي على ملوثات متعددة وخطيرة تسقط عليها مياه الأمطار وتنقلها إلى المياه الجوفية".

رحلة شاقة

ويتوجه يوميا مع شروق الشمس يمنيون في رحلة شاقة بحثا عن المياه أغلبهم من النساء والأطفال، حاملين معهم أوعية بلاستيكية لحفظ المياه.

ووسط عدد كبير من الصفائح البلاستيكية ذات اللون الأزرق يقف الأطفال ومن حولهم دوابهم في انتظار الحصول على المياه تحت وهج الشمس وغبار الصحراء.

ويقول الطفل أحمد عبده ساحلي (12 عاما) من أهالي قرية الشرقي بمديرية عبس التابعة لمحافظة حجة (شمال غرب)، "منذ قرابة الساعة أنتظر وصول المياه مع أصدقائي في رحلة المعاناة اليومية".

وأضاف للأناضول أن "المياه التي تصل إلى قريتي ملوثة، وغير صالحة للشرب بالإضافة إلى نسبة الملوحة العالية فيها".

وتابع: "وضع الأسر ومنهم أسرتي في الحصول على المياه يرثى له، وأزمتنا في المياه قديمة ومستمرة"، مشيراً أن "عملية نقل المياه إلى منزلنا تتم على مراحل وبواسطة الدواب".

معاناة يومية

على جانب آخر، وبجوار شجرة متداعية وسط صحراء قاحلة، كان يقف اليمني حسن محمد شوعي ممسكاً بصفائح بلاستيكية مختلفة شكلاً ولوناً، وأخذ يحكي للأناضول عن معاناته اليومية لنقل المياه إلى منزله.

وقال: "في طريق عودتي إلى المنزل وجدت عدداً من الصفائح البلاستيكية الفارغة الملقاة على الأرض في مكان خالٍ" مؤكداً أنها "كانت تستخدم لحفظ الذخيرة".

وأضاف شوعي، المعيل لأسرة مكونة من 5 أطفال وزوجة: "حولت هذه الصفائح إلى خزانات لحفظ المياه، فهي كبيرة وقوية وأفضل من الأوعية البلاستيكية المخصصة لهذا الغرض".

وأشار إلى أن "الحرب فاقمت معاناتي وظروفي المعيشية وأن الحاجة الوحيدة التي أستفيد منها هي صفائح المقذوفات الفارغة".

الدواب وسيلة النقل

وتعد الدواب الوسيلة الوحيدة التي يستخدمها معظم سكان الريف لنقل المياه من مسافة تصل نحو كيلومترين إلى منازلهم، ويعاني أغلب الأهالي والنازحين عدم وجود خزانات خاصة بهم؛ ولذلك تضطر الأسر للذهاب عدة مرات لجلب المياه لسد حاجتها يوميا.

على نفس الشاكلة يروي النازح أبكر كديش، وهو في بداية العقد السادس من عمره للأناضول قصة معاناته قائلا "بعد رحلة نزوح إلى 5 مناطق بين محافظتي الحديدة (غرب) وحجة، تعاني جميع الأماكن التي نزحت إليها أزمة حادة في المياه".

وأكد أن "النساء في بعض مناطق ومخيمات النزوح يحملن الصفائح البلاستيكية فوق رؤوسهن لتأمين المياه لأسرهن".

وأوضح: "لذلك فإن معظم النساء وكذلك الأطفال الأصغر سناً يعانون مشاكل صحية نتيجة حمل تلك الصفائح البلاستيكية".

الملايين متضررون

ووفق منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، "هناك أكثر من 16 مليون شخص باليمن، بما في ذلك 8.47 ملايين طفل، يحتاج بشكل عاجل إلى المساعدة للوصول إلى خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة العامة، وإلا فهم معرضون لخطر متزايد من سوء التغذية والظروف الأخرى التي تهدد حياتهم".

وأكدت المنظمة الأممية، في تغريدة عبر حسابها على تويتر يوم 16 مارس/ آذار الجاري، أن "هناك مليوني طفل نازح يعيشون في أكثر الظروف الغير صحية في 15 محافظة يمنية".

في السياق، قال مدير مكتب الصحة بمحافظة حجة طارق مسواك هبة، للأناضول، إن "مصادر المياه غير صحية، آبار وبرك مكشوفة".

ولفت إلى أن "استخدام الأسر لهذه المياه أدى إلى انتشار كثير من الأمراض مثل الكوليرا والإسهال المائي بالإضافة إلى الأمراض الجلدية خصوصا بين الأطفال".

وتستقبل المراكز الصحية والعيادات الطبية المتنقلة في المديريات الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية في حجة نحو 700 حالة يوميا بسبب تلوث المياه.

نقص إمدادات

وأدت الحرب التي طال أمدها والنزوح الجماعي ونقص إمدادات مياه الشرب النظيفة فضلاً عن ارتفاع الأسعار وتهاوي العملة المحلية إلى تدهور الظروف المعيشية لمعظم الأسر وخاصة الأشد فقراً .

وفي 3 يوليو/ تموز الماضي، قال الصلب الأحمر الدولي، في تقرير، إن" أزمة المياه في اليمن تؤثر على ملايين البشر يوميا"، مشيراً أن "شبكة أنابيب المياه في البلد الفقير لا تغطي إلا 30 بالمئة من السكان".

وأجبرت الحرب والنزوح مريم أحمد محمد هندي، وهي أم لسبعة أطفال، بعد تفاقم معاناتها، على مغادرة قريتها من أطراف مدينة ميدي الساحلية إلى وادي مور بمحافظة الحديدة ثم إلى بني حسن بمديرية عبس شمال غربي اليمن.

وتصف مريم الوضع وهي جالسه قرب باب منزلها "أطفالي وكذلك الأطفال الآخرون في القرية ليسوا قادرين على الاستحمام وغسل جلودهم ووجوههم التي لوحتها حرارة الشمس نتيجة المشاق ورحلة البحث عن المياه".

ولتخفيف معاناتها عملت مريم جدولاً يومياً لأطفالها السبعة لجلب المياه لتوفير وسد حاجة منزلها من الماء من مسافة تبعد عنهم قرابة نصف ساعة.

ويعاني اليمن وضعا إنسانيا هو الأسوأ في العالم، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، جراء النزاع الدامي المستمر بين القوات الحكومية والحوثيين منذ أواخر 2014.

(الأناضول)

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!