المجلس الرئاسي بين المتفائلين والمتشائمين

د. عادل الشجاع
الاربعاء ، ٠٤ مايو ٢٠٢٢ الساعة ٠١:٥٢ صباحاً
مشاركة |

كنت قد أقنعت نفسي بأخذ إجازة والتوقف عن الكتابة لبعض الوقت ، خاصة وأنني تلقيت في الأونة الأخيرة سيلا من الرسائل ينصحني أصحابها بالتفاؤل بالتغيرات الأخيرة وعدم التشاؤم ، مع أنني لست من الذين يتفائلون أو يتشائمون ، لأنه لا يليق بالسياسي أن يتفاءل أو يتشاءم ، فالتفاؤل أو التشاؤم يصب في خانة بيع الوهم للناس والكذب عليهم وتزييف وعيهم ، فالسياسة معطيات وظروف وعوامل محيطة ومواجهة الناس بالحقائق .

والحقائق الموجودة بين يدي والتي دفعتني للكتابة ، هو الخبر الذي سوقه إعلام المجلس الانتقالي ، الذي يقول : " أدى الرئيس القائد عيدروس قاسم الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي ، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي ، صباح اليوم صلاة عيد الفطر بمعية رئيس مجلس القيادة الرئاسي وزملائه ورئيس حكومة المناصفة .

في هذا الخبر يقدم رئيس المجلس بشكل ثانوي فهو بمعية عيدروس الزبيدي ، وهذا يؤكد لنا أن المجلس الانتقالي وعلى رأسه عيدروس الزبيدي قد أخطاؤا في ترجمة معنى إنتقال الشرعية إلى المجلس الرئاسي ومعنى حكومة مناصفة ، لذلك فهم يمارسون الاستحواذ على قرار المجلس والحكومة ويصادرون هوية المجلس الذي يمثل أساسا الجمهورية اليمنية .

وربما قد لا يكون المجلس الانتقالي أخطأ ترجمة تشكيل المجلس الرئاسي تحت علم الجمهورية اليمنية فحسب ، بل يضاف إلى ذلك أن المؤتلفين في المجلس يفتقدون للرؤية الموحدة تجاه القضايا الأساسية ، مما خلق خللا في التوازن داخل المجلس وأطلق عنان المصالح والإرادات وتباين الأهداف والمواقف إزاء القرار الوطني .

حالة الشلل والضعف والوهن التي تعيشها الشراكة الوطنية سيجعلها عاجزة عن مواجهة إحباطات المواطن ، فالأزمة التي تواجهها الشرعية أزمة بنيوية والصمت عن عدم تنفيذ الشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض سيجعل المجلس تحت الإقامة الجبرية في المعاشيق بدلا من الرياض وستجعله يقف على أرض غير صالحة وغير سوية .

ولست بحاجة إلى تذكير رئيس المجلس بأن السكوت عن التجاوزات سيفتح الأبواب على كل الاحتمالات وسيصبح من المتعذر إدارة الأزمة ومواجهة عصابة الحوثي الإرهابية ، وستكون الفواتير باهضة الثمن ، فيتحتم على رئيس المجلس أن يلزم أعضاء المجلس جميعهم بالعمل تحت علم الجمهورية اليمنية ، والمضي في تحقيق الشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض ، أو ينتقل عمل المجلس إلى حضرموت أو المهرة أو مأرب .

لم يعد أمام المجلس ترف إهدار مزيد من الوقت ، لأن ذلك سيهدر مزيد من التنمية ومزيد من الاستجابة لاحتياجات الواقع ، وهذا يعني أن المجلس بحاجة إلى تفعيل المصالحة وتعريف الانتقالي بأن المصالحة تعني تخطي أخطاء الماضي عن طريق عدم تكرارها وليس استعادتها. 

والانطلاق من مقولة : عفا الله عما سلف ، فممارسة الانتقالي مرتبطة بالتذكير لما جرى ، ممزوجة بروح الانتقام وبعيدة عن التوافق الذي يخرج الجميع من الأزمة والعنف اللفظي والفعلي.

ولكي يستعيد المجلس توازنه لابد أن يكلف جنوبيا لرئاسة الحكومة على أن يكون من مراكز القوى الجنوبية القادرة على إحداث توازن وعلى فرملة عيدروس الزبيدي الذي على ما يبدو يستغل النفس الطويل لمن معه في المجلس الذين يمارسون السياسة في مواجهة نزقه الذي يقوم على الصراع على السلطة أكثر من الصراع على بناء الدولة ، ذلك هو المخرج الحقيقي لاستعادة توازن المجلس الرئاسي.

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!