الضربات الإسرائيلية على إيران كانت قاسية ومكلفة للغاية، كما كان متوقعًا، ومن المؤكد أن لها تداعيات كبيرة. ومع ذلك، فإن اندلاع حرب شاملة وطويلة الأمد يبدو احتمالًا ضعيفًا في ظل انعدام توازن القوى بين النظام الإيراني، والكيان الإسرائيلي المدعوم من البنتاغون وحلف شمال الأطلسي.
الولايات المتحدة، الحاضر الغائب في هذه المواجهة، لا تزال تملك القدرة على السعي نحو صفقة، قد تكون في جوهرها أقرب إلى استسلام إيراني إن حدث، وهو احتمال لا يمكن استبعاده.
إيران، التي استفاقت على صدمة كبرى، تحتاج إلى بعض الوقت لاستيعاب ما حدث، وإجراء مشاورات مع حلفائها، سواء الحقيقيين أو المفترضين. وهي اليوم أمام خيار وجودي: إما الرد العنيف على إسرائيل بما يعيد شيئًا من التوازن المدمر، أو القبول بتسوية مُجحفة تُعد استسلامًا مذلًا للنظام. من الواضح، من كلمة المرشد الأعلى علي خامنئي التي أعقبت الحدث، أن القرار في طهران لا يزال متأرجحًا بين خيار الرد المكلف جدًا، وخيار التسوية المهينة.
المشاعر العربية مضطربة، بين كيان إسرائيلي يُعد عدوًا تاريخيًا ومحتلًا لفلسطين، وبين نظام إيراني جلب الويلات لخمس دول عربية، ولا يزال خطره يطرق أبواب دول أخرى في المنطقة.
ما بعد الخيار الصعب، تبقى الحكمة اليوم في ضبط إيقاع الحروب، واحتواء التصعيد، وتجنب الانزلاق نحو مواجهة إقليمية شاملة، باعتبار ذلك مخرج الطوارئ الوحيد في مثل هذه الأحداث الكبرى.
يمكن للمملكة العربية السعودية، بصفتها طرفًا محايدًا في هذا التصعيد، أن تلعب دورًا محوريًا في ضبط الإيقاع واحتواء التوتر، إذا ما بادرت طهران بالتواصل وطلبت وساطتها. فالسعودية اليوم تمتلك علاقات مؤثرة، وخبرة دبلوماسية عالية، وموقعًا إقليميًا يؤهلها للعب هذا الدور، إن وُجدت الإرادة السياسية لدى جميع الأطراف المعنية.