‏فرصة الدولة في استعادة هيبتها

عبدالسلام محمد
الخميس ، ١٠ يوليو ٢٠٢٥ الساعة ١٢:٤٢ مساءً
مشاركة |

قضية الشيخ محمد الزايدي نموذج جيد لتحديد سياقات التعامل بين الدولة والقبيلة مستقبلا،  كما أنها تعيد لنا فهم ماجرى في الماضي، وكيف خسرت الدولة القبيلة وخسرت القبيلة الدولة، وكان الكاسب الوحيد الميليشيات السلالية. 

بداية نشير إلى المحددات التي تتعامل معها القبيلة في اليمن بدرجات متفاوتة،  وهما نقطتان أساسيتان ارتبطت القبيلة بالدولة من خلالهما تأريخيا  ( المصلحة و مكانة الدولة).

القبيلة تحدد مصالحها ليس بناء على المنافع اللحظية التي تحصل عليها فقط، بل حتى المنافع المستقبلية، فلديها استشعارات من أجل مصالحها بعد عشر سنوات على الأقل،  وأهم مصلحة للقبيلة الحفاظ على كيانها.

وفي نفس الوقت تمتلك القبيلة استشعارات بمدى قوة أو ضعف الدولة، وجدوى التحالف معها أو الخضوع لها،  مقابل المصالح التي ستحصل عليها بالذات في أوقات الصراع.

ومن خلال تتبع المنعطفات التأريخية التي جرت في البلاد باتجاه الحروب أو باتجاه البناء،  نجد أن عاملي المصلحة ومكانة الدولة حاضران بقوة في مشاركة القبيلة في دعم الدولة أو التخلي عنها.

وخلاصة ذلك، لا يمكن الانتظار من القبيلة التحالف أو الخضوع مع الدولة  في مرحلة ضعفها، كما لا يمكن للقبيلة أن تتحالف مع من لا يحقق مصالحها،  بل في أوقات الصراع تفضل الخضوع لمن يهدد كيانها حتى تأتي لحظة تغير في المعادلة.

ومن خلال المقاربة مع هذا الإطار النظري يمكننا فهم وضع القبيلة منذ سقوط صنعاء بيد الحوثيين، ولا أريد هنا الحديث عن ما حصل قبل انقلاب الحوثيبن على الدولة، وكيف استشعرت القبيلة ضعف الدولة وتهديد الحوثي مصالحها في حال وقفت مع خيار مرتبك وغير داعم لذاته كما هو حال النظام في 2014!

سأركز هنا على نقاط تتعلق بالحالة المستقبلية بين الدولة والقبيلة في وضعنا الحالي الذي يكشف بوضوح ( بقاء الدولة في حالة ضعف،  وترشح الحوثيين لوضع الانهيار)، ما يعني أن قفز القبيلة من مركب التحالف مع الحوثيبن خيار متوقع، لكن التحالف مع الدولة كخيار بديل ليس مطروحا بسبب عدم وجود مؤشرات على قدرة الدولة فرض واقع لصالحها،  ومثل هذا الوضع هو من أسوأ اللحظات التي تمر بها القبيلة، لذلك تبحث عن شركاء من خلال واقع متمرد على كل الأطراف المتصارعة والضعيفة.

والسؤال الأهم كيف يمكن استعادة الدولة للقبيلة وتحوير العلاقة لصالح هزيمة المشروع السلالي الذي لطالما يفهم الحالة المجتمعية بظروفها،  ويخترقها لاستعادة قوته؟

يمكننا الاستفادة من حالة الشيخ محمد الزايدي لتحقيق أقصى درجات المصلحة للدولة التي تحتاج إعادة ثقة المواطن فيها،  وتحتاج لأدوات فرض هيبتها.

يشكل إطلاق سراح الشيخ الزايدي الحليف الأبرز للحوثيين وبقاء احتجازه معضلة للدولة في وضعها الحالي التي تقاوم فيه للبقاء، فإطلاق سراحه يظهرها بمظهر الضعف أمام اليمنيين،  ويحقق للحوثي هدف استعادة الثقة في تهديداته رغم شعور اليمنيين بقرب لحظة  الانهيار، كما تعطينا صورة عن مستقبل ما بعد الحوثي واستعداد الدولة بيع دم نصف مليون شهيد وجراح وآلام ملايين النازحين.

كما أن استمرار  الاحتجاز يشكل فرصة لاستعراض الحوثيين لكذبة أنهم حليف قوي للقبيلة، خاصة بعد انتهاكات جعلت اليمنيين يؤمنون أن العدو الحقيقي للمجتمع هو نظام السلالة الذي يمثله الحوثي،  والذي أرهق اليمنيين بالدماء والتجويع.

إذا ماذا على الدولة القيام به لاستعادة التوازنات في المجتمع القبلي؟ 

أولا:  لابد من أن تتحرك الدولة كأقوى كيان في البلاد،  وتتفاهم مع كل الكيانات الاجتماعية أو السياسية من منطلق القوة،  ولا يعني ذلك استخدام القوة لفرض السيطرة،  بل استخدام أدوات الدولة وتفعيلها وبالذات أدوات الضبط والمحاسبة وأهمها الأمن والقضاء.

ثانيا: إحالة كل شخص سواء قيادي في القبيلة أو الحزب أو الدولة متورط في دعم الحوثيين للقضاء،  ما يعني أن إحالة الزايدي للقضاء تحقق أعلى درجات الاستفادة لصالح الدولة من إطلاق سراحه أو بقاء احتجازه.

ثالثا: من أجل إعادة هيبة الدولة وإضعاف الميليشيات،  لابد أن تقف الدولة مع ذلك الجندي أو المواطن الذي قاوم الانقلاب السلالي في أطراف البلاد على أن تقف مع قيادي أو مسؤول في مركز الدولة،  وحين يتحقق هذا الأمر سيشعر حلفاء الدولة بالقوة، ويدعمونها ولا يتخلوا عنها،  كما حصل سابقا، عندما تخلت عن الشهداء وفاوضت الانقلابيين.

للحديث بقية....

أبرز ما جاء في لقاء معالي الدكتور شائع محسن الزنداني مع قناة سكاي...

لا تعليق!