تسعير نفط الخليج باليوان الصيني هل يكسر هيمنة الدولار؟ (تحليل)

قبل سنة 1 | الأخبار | اقتصاد
مشاركة |

(الأناضول)

ـ الرئيس الصيني يتعهد ببناء منظومة أمنية مشتركة في الشرق الأوسط

ـ واشنطن تعتبر زيارة شي جين بينغ إلى السعودية مثال على محاولات الصين بسط نفوذها حول العالم

ـ الصين تدعم مطلب القمة العربية بالجزائر لمنح فلسطين العضوية الكاملة بالأمم المتحدة

ـ القادة العرب أصبحوا يتحدون واشنطن في المطالبة بنظام عالمي متعدد الأقطاب

"الاستفادة الكاملة للبترول والغاز من بورصة شنغهاي كمنطقة لتسوية التجارة النفطية والغازية بالعملة الصينية"، هذا أحد أبرز تصريحات الرئيس الصيني شي حين بينغ، خلال كلمته بالقمة الخليجية في السعودية.

فتسوية التجارة النفطية والغازية لدول الخليج مع الصين في بورصة شنغهاي وباليوان الصيني يعني التقدم خطوة إضافية فعلية نحو نهاية هيمنة الدولار على التجارة الدولية.

كسر هيمنة الدولار

الولايات المتحدة الأمريكية ما كان لها أن تفك ارتباط الدولار بالذهب في 1971 لولا موافقة السعودية على تسعير نفطها بالدولار، ما ساعد واشنطن على طباعة المزيد من الدولارات دون أن يكون لها مقابل من الذهب.

وإن تخلت السعودية - أكبر مُصدر للنفط عالميا بمتوسط 7.5 ملايين برميل يوميا - عن تسعير النفط بالدولار واتجهت إلى اليوان، وفعلت قطر نفس الشيء مع غازها المسال، سيشكل ذلك ضربة للدولار تهدد بكسر هيمنته على سوق العملات الدولية.

تكمن جدية هذا الأمر في أن الصين أكبر مستورد للنفط والغاز في العالم وثاني أكبر مستهلك لهما، بينما السعودية تعد أكبر مصدّر له، وقطر ثاني أكبر مصدر للغاز المسال.

تستورد بكين كميات كبيرة من النفط الخليجي، واتفقت مع الدوحة على استيراد كميات أكبر من الغاز المسال، ما يجعل اقتصادات الصين ودول الخليج متكاملة.

واستخدام اليوان في التجارة البينية مع دول الخليج أمر ممكن من الناحية النظرية، إلا أن هذه الخطوة من شأنها إثارة قلق الولايات المتحدة التي تتابع عن كثب التمدد الصيني بمناطق نفوذها التقليدية في المنطقة.

إذ اعتبرت واشنطن في 7 ديسمبر/كانون أول الجاري أن زيارة شي جين بينغ إلى السعودية "مثال على محاولات الصين بسط نفوذها حول العالم، وإن ذلك لن يغير من سياسة الولايات المتحدة حيال الشرق الأوسط".

وسبق أن نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية مقالا في مارس/آذار الماضي، بعنوان "السعودية تدرس قبول اليوان بدلا من الدولار عند بيع نفطها للصين".

فيما تحاول السعودية الضغط على واشنطن من أجل الحصول منها على تنازلات، خاصة فيما يتعلق بالالتزام بأمن الخليج وتزويده بالأسلحة التي يطلبها في حرب اليمن، ووقف ضغوطاته وتلويحه بورقة حقوق الإنسان.

التكنولوجيا الصينية تتحدى الأمريكية

لم تعد الصين مجرد دولة تقلد المنتجات الغربية، بل أصبحت تنافس الولايات المتحدة في التكنولوجيا الحديثة، وعلى رأسها خدمة الجيل الخامس للاتصالات التي توفرها شركة هواوي الصينية، وتثير مخاوف أمنية لدى الولايات المتحدة.

فتوقيع الرياض على مذكرة تفاهم مع شركة هواوي الصينية للتكنولوجيا في الحوسبة السحابية وبناء مجمعات عالية التقنية في مدن سعودية، تحد آخر لواشنطن التي حذرت دول العالم من المخاطر الأمنية للسماح لهواوي بتأسيس شبكات الجيل الخامس.

ورغم هذه التحذيرات، إلا أن هواوي شاركت في تأسيس شبكات الجيل الخامس في معظم دول الخليج، ما يشكل فقدان الولايات المتحدة والدول الغربية لأسواق مهمة لها في المنطقة.

وتوقيع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز "اتفاقية شراكة استراتيجية شاملة" مع الرئيس الصيني في 8 ديسمبر الجاري، يمثل مرحلة جديدة لتطوير العلاقات، ومواءمة مبادرة الحزام والطريق الصينية مع رؤية السعودية 2030، وخاصة ما تعلق بمشروع "نيوم" الذي من المنتظر أن تساهم شركات صينية في تنفيذه.

ورغم أن الجانبين لم يوقعا على اتفاقات عسكرية خلال زيارة الرئيس الصيني إلى السعودية ما بين 7 و9 ديسمبر للمشاركة في ثلاث قمم مع السعودية ودول الخليج والدول العربية، إلا أن الأخير أعلن دعم بلاده "لبناء منظومة أمنية مشتركة وشاملة وتعاونية ومستدامة في الشرق الأوسط".

ويشير ذلك إلى استعداد الصين للمساهمة في دعم أمن الخليج، سواء من حيث بيع الأسلحة الحديثة أو حتى توطين الصناعات العسكرية بالمنطقة، بل ومساعدة السعودية على بناء برنامج نووي "سلمي".

وتعزيز الصين تواجدها العسكري في الخليج من شأنه إضعاف التحالف الأمني مع الولايات المتحدة، التي سبق لها وأن رفضت بيع طائرات مسيرة إلى السعودية، ولم تحرك ساكنا عندما قصفت منشآت نفطية سعودية بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية يعتقد أن الحوثيين المدعومين إيرانيا من أطلقوها.

ومع ذلك لا تبدي السعودية رغبة في استبدال تحالفها مع واشنطن ولكن توسيع شراكاتها مع أكثر من قوة عظمى، وفق ما صرح به وزير الخارجية سعود الفيصل، في 2004، بأن علاقة السعودية والولايات المتحدة ليست "زواجا كاثوليكيا"، ولكن "زواجا إسلاميا".

فالسعودية لا تستبعد الطلاق مع الولايات المتحدة، كما تريد أن يكون لها أكثر من شريك استراتيجي، والصين إحدى هؤلاء، ورغم ذلك ما زالت الرياض تحتاج إلى واشنطن التي تعادي إيران، بينما تتحالف بكين مع الأخيرة.

فلسطين مقابل الصين الواحدة

رغم تطور علاقاتها مع إسرائيل في العقود الأخيرة، إلا أن الرئيس الصيني لم يتردد خلال القمة العربية في التأكيد على دعمه لإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 عاصمتها القدس الشرقية.

وفيما يعد ردا على طلب رئيس الوزراء الجزائري أيمن بن عبد الرحمن، من الصين بدعم "مساعي منح فلسطين صفة العضوية الكاملة في الأمم المتحدة"، قال الرئيس الصيني إنه من الضروري "منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة".

وهو دعم واضح من دولة تتمتع بالعضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي، بأحد مخرجات القمة العربية التي عقدت مطلع نوفمبر الماضي بالجزائر.

بل ذهب جين بينغ، بعيدا في دعمه للقضية الفلسطينية، بالتأكيد أنه "لا يمكن استمرار الظلم التاريخي الذي يعاني منه الفلسطينيون ولا المساومة على الحقوق المشروعة".

بالمقابل جدد القادة العرب دعمهم لمبدأ "الصين الواحدة"، في إشارة إلى اعترافهم بأن تايوان جزء من الأرض الصينية، وأيضا .

وجاء في إعلان الرياض، التأكيد على أن "تايوان جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية، ورفض استقلالها بكافة أشكاله".

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!